( “هجرة “.الى كل زهرة لوتس مسافرة، قبل أن تودع الوادي، وتلقي نظرة أخيرة على النيل) بقلم صلاح هاشم.


admin رئيسية, مختارات سينما ازيس, نزهة الناقد 0
admin رئيسية, مهرجانات, نزهة الناقد 0
admin رئيسية, كل جديد, مهرجانات, نزهة الناقد 1
admin رئيسية, فوتوجرافيا, كل جديد, نزهة الناقد 0
من ابرز الكتب المهمة التي تناقش سلطة الصورة وسلطة الكلمة في عصرنا كتاب” في مواجهة آلام الآخرين”DEVANT LA DOULEUR DES AUTRES للناقدة و الروائية الامريكية سوزان سونتاجو, الصادر عن دار نشركريستيان بورجوا في باريس( في 138 صفحة من القطع الصغير),
الطبعة الأصلية بالانجليزية
والذي يناقش موقف الانسان المعاصر, حيال صور القتل و الدمار والحروب والكوارث، التي تقصفنا بها وسائل الاعلام من صحف ومجلات ومحطات تلفزيون كل يوم, وتصور معاناة الآخرين والآمهم وعذاباتهم ومآسيهم , وهي تمنحنا في ذات الوقت فكرة, عن صور ذلك الرعب الذي ينتظرنا ،في هذا العالم المسعور, خلف الابواب المغلقة, وحتي علي الرصيف، في الطريق العام, وصارت حياتنا فيه مهددة في كل لحظة..
وتطرح سوزان سونتاج, التي عرفت كمثقفة امريكية, بعدائها لسياسات جورج بوش الداخلية والخارجية , ووقفت ضد حرب امريكا علي العراق, وهي من ابرز اساتذة الجامعة المؤسسين، لحركات الرفض في المشهد الثقافي السياسي الامريكي, وكانت اخرجت مسرحية ” في انتظار جودو ” لصامويل بيكيت اثناء حصار سراييفو الشهير, ويعد كتابها ” عن فن التصوير ” الذي صدر عام 1977من اهم الكتب عن هذا الفن التي تدرس في الجامعات في العالم, وترجمت اعمالها ورواياتها الي اكثر من 32 لغة..
سونتاج
تطرح العديد من الافكار, بخصوص موقفنا امام صور الحروب والدمار والجثث المشوهة, ومشاهد التعذيب والرعب في ” جنين” فلسطين, والحرب الاهلية في الكوسوفو يوغوسلافيا وحصار سراييفو, ودماروانهيار برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك, وتتساءل تري هل يمكن, من فرط تعودنا بمرور الوقت علي مشاهدة هذه الصور, بوعي او من دون وعي منا , ان نصاب ببلادة الحس APATHY, بحيث تصبح صور الرعب في عالمنا المعاصر هذه, شيئا عاديا تافهاBANALE, مثل بقية الصور الاخري التي تقصفنا بها وسائل الاعلام كل يوم ؟
كما تتساءل ايضا في كتابها, تري هل يجب ان نتحاشي مشاهدة هذه الصور التي تعكس الآم الآخرين,ام يجب ان نخفيهاونكف عن مشاهدتها , ونطالب بمنع نشرها, ثم نتظاهر من دون رؤيتها ضد الحرب واعمال القتل البربرية التي ترتكب في حق البشر كل يوم؟ كما تعقد مقارنة في كتابها بين ” الكلمة” و” الصورة” وتقول لنا من بينهما اقوي من الاخري واشد وقعا وتأثيرا في حياتنا..
بداية تشرح لنا سوزان سونتاج في كتابها كيف رافقت الانسان في الغرب, صور الموت بكافة وتعدداشكاله منذ قديم الزمان, عبر الايقونات القديمة التي صورت الآم السيد المسيح وشهداء المسيحية الاوائل, ثم في لوحات الفنانين والمصورين العالميين كما في لوحات الفنان الاسباني جويا مثل لوحة ” كوارث الحربط وكانت الفوتوغرافيا ارتبطت بالموت ومنذ نشأتها, منذ اختراع آلة التصوير عام 1893 لانها كرست من خلال الصور المنتجة بواسطتها, للاحتفاظ بصور الراحلين الذين فقدناهم بعد موتهم, وبمجرد اختراع الحامل, وصار ميسورا الانتقال بتلك الآلة في كل مكان , اكتسبت الفوتواغرافيا بتصويرها لصور الدمار والقتل والحروب في خنادق القتال, اكتسبت قيمة أكبر من قيمة الشهادات الشفهية , في تصوير الرعب ومسلسل الموت في الحرب الاهلية الامريكية, ثم في الحرب العالمية الاولي عام 1914 التي تعتبرها سوزان سونتاج بمثابة ” اول صدمة كبري”يواجهها الانسان الغربي حيال صور الدمار والقتل المرعبة المروعة, التي اصبحت الآ ن, بعد ان صار التلفزيون ينقل وقائع الحرب كما حدث في حروب الخليج وكوسوفو ورواندا والعراق الحديثة مباشرة علي الشاشة داخل بيوتنا, ودمار مخيم ” جنين ” الفلسطيني وتدمير برجي مركز التجارو العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر2001, صارت اشبه بعروض ” عروض الصوت والضوء”” الحية داخل الصالونات..
وتعتبر سوزان ان من الاهمية بمكان, عرض هذه الصورعلينا, وعدم اخفائها بسبب بشاعتها اوتعاطفا مع مشاعرنا واحاسيسنا والخوف من ان تهتزاو ان تنهار, لان هذه الصور ومهما بلغت درجة بشاعتها هي شهادات علي الواقع, وهي تقول لنا: ” حدقوا في.هذه هي الحرب, وهذاهو ماتفعله.هذا يللبشاعة وذاك ايضا اوه ياللرعب.أجل الحرب تقتل وتفصل وتقطع وتشوه وتمزق وتحرق.انها تجلب الدمار والخراب وتحيل حياتنا الي اطلال في عبث الريح, ويا ايتها الفضائل التي يفاخر بها الانسان, كما يقول نيكوس كازانتزاكيس معلقا علي الحرب الاهلية التي نشبت في بلاده اليونان في روايته ” الاخوة الاعداء “, ايتها الفضائل التي يفاخر بها الانسان ساعدينا..
هذه الصور المرعبة التي نشاهدها في كل وقت , وتلك التي تخفيها عناالادارات الحربية , صارت ضرورية,وسونتاج مع نشرها, لانها تدعم من نضالنا ضد الحرب ,في سبيل ايقافها من جانب, كما تدفع من جانب آخر الي, وتحثنا علي, اتخاذ موقف من قضايا عصرنا, وربما ساعدت علي اخراس ذلك ” الوحش ” الذي يسكن داخلنا والي الابد. وتنبه سوزان سونتاج في كتابها الذي يمكن ان تلتهمه في ليلة كما فعلت, وهو من اهم الكتب التي تعالج وتناقش الطريقة التي يمكن ان نتلقي بها صور الرعب , والزاوية التي ننظر من خلالها الي تلك الصور لعقلنتها, تنبه الي ان الصورة الثابتة, هي التي تشكل ذاكرتنا اكثر من الصور المتحركة , وتكون هذه الصور الثابتة اول مايقفز من كخزون الصورفي ذاكرتنا دائما, حين نريد ان نسترجع ذكري او صورة حادث ما, والدليل علي ذلك ان ذكري حرب فيتنام المرعبة ارتبطت في ذاكرتنا بصورة الطفلة الفيتنامية التي خرجت بعد قصف قريتها بقنابل النابالم الامريكية وراحت تركض عارية علي حافة الطريق وجلدها المحروق يسيل بفعل الاصابة وهي تصرخ من الهلع, لذلك تعتبر الصورة الثابتة نموذجا لايمكن محوه من الذاكرة , وتشيرسونتاج في كتابها الي اهمية ” التعليق ” علي الصورة, الذي يضبط درجة التعامل معها, ويوجهها الي احداث التأثير المطلوب ,لان الصور, ومهما بلغت درجة بشاعتها ورعبها, يمكن ان تكون ايضا ” كاذبة” و” مبهمة’ و” مضللة”, وتؤدي الي عكس النتائج المطلوبة, وتحيد بنا عن الهدف, فالتصوير الفوتوغرافي من خلال بعض الصور, قد لايقول لنا كل شييء نريد ان نعرفه..
كما تكمن اهمية ” صور الفظائع” في ان الادراك المعاصر عادة مايعتبر الآم الآخرين ومعاناتهم وعذاباتهم ” خطأ” او ” حادثة” او ” جريمة”, ولذلك فان صور الحروب بالنسبة لهؤلاء الذين لم يتعرضوا لاهوالها وكوارث الحرب بصورة مباشرة, تصبح تلازمهم وتسكنهم لكي تذكرهم بما يستطيع الانسان ان يفعله بأخيه الانسان, وبالتالي تصبح قطعة منهم ولايستطيعون منها فكاكا, بحكم ان عملية التذكر, كما تذكر سوزان سونتاج, لا تعني تذكر قصة او رواية, ولكن تتعلق اكثر باسترجاع صورة ما في الذهن, كما تشير ايضا في كتابها هذا, الذي لايتضمن وياللغرابة صورة واحدة كما عهدنا في كتب الفوتوغرافيا,و يستحق القراءة عن جدارة, تشير الي اهمية السرد NARRATION وتقول ان سلطة الكلمة اقوي بكثير من سلطة الصورة, لان الحكي عن الحروب ووصف اهوالها وفظائعها من خلال الادب المكتوب في مقال او قصة او رواية,يفوق بكثير كل تأثيرات ” صور الفظائع” ويصدمنا اكثر, والتعبير بالكلمات, ربما يكون أكثر فاعلية من التعبير بالصور.
صلاح هاشم
صلاح هاشم مؤسس ورئيس تحرير موقع سينما إيزيس
admin رئيسية, شخصيات ومذاهب, نزهة الناقد 0
ليس هذا دفاعا عن السينما المصرية، التي لا تستطيع في المحاكم أن تدافع عن نفسها، إلا بتقديم الدلائل والبراهين. هكذا فكرت..
لاتستطيع أن تدافع عن نفسها إلا من خلال ” أفلامها ” فقط، التي تتحدث عن نفسها، بنفسها..
تلك ” الروائع ” التي صنعتنا ، و إستحوذت على أفئدتنا في أفلام ” العزيمة ” و ” السوق السوداء ” و ” بداية ونهاية ” و ” الفتوة ” و ” السقامات ” و” اللص والكلاب ” و ” أرض الخوف ” و ” المومياء ” و ” رصيف نمرة 5 ” و ” ريا وسكينة ” و ” باب الحديد ” و ” الحريف ” و ” زوجة رجل مهم ” ، و ” حياة أو موت ” وغيرها ، التي صارت الآن أكبر منا، والتي هي في معظمها ، كما اكتشفت، كلما كبرت، ازدادت حلاوة، ولن تشيخ أبدا على مايبدو! ..
صنعت لنا السينما المصرية ” الجميلة ” كل تلك البوابات الى الجمال – من جميل – وقالت لنا اتفضلوا..هاكم تحية وسامية جمال ..هنيئا لكم بسحر الضوء والدلال والفن..
كنا نتحدث صديقي المخرج العراقي وأنا، بجوار نافذة المطبخ المفتوحة، على ضوء النهار، وكان ” الضوء ” في قلب أحاديثنا الليلية، حين نلتقي عادة بعد المغرب في باريس، على براد شاي كبير، وسيجارة ..
ونقعد نتحدث عن حياتنا والسينما، وكنت قد عدت منذ أيام فقط من رحلة لي الى القاهرة ، حضرت فيها مهرجانين هما ” بانوراما السينما الاوروبية ” و” مهرجان الاسماعيلية السينمائي ” وشاهدت العديد من أفلامهما، لكني كنت كرست وقتا كبيرا أثناء زيارتي، لمشاهدة ” روائع ” الأفلام المصرية القديمة..
لايوجد في تقييم الأفلام فرق، بين ” قديم ” و ” جديد “. صحيح ان الأفلام بنت عصرها، لكنها تقفز، عندما تكون جميلة وتعجبنا ، فوق حدود الأماكن والطبائع والأزمنة، لتصبح بنت وقتها ، في اللحظة والآن، وهذا ما أستشعرته، في معظم الأفلام القديمة الروائع التي شاهدتها في مصر..
قال صديقي المخرج العراقي الذي يعيش منذ زمن طويل في باريس، أن السينما المصرية أثبتت أولا أن الشعب المصري.. يحب الجمال. بفتح الجيم..
انظر مثلا الى تلك الصورة التي تتصدر غلاف كتاب ” قصة السينما في مصر” للناقد سعد الدين توفيق ،الصادر عن سلسلة ” كتاب الهلال ” وتظهر فيها فتاة شابة ،تحمل سكينا ، وعلى وشك أن تذبح حبيبها الراكع أمامها ،ممسكا بثيابها. .
ماذا يقول كلام الصورة ؟ .يقول أن الست الموجودة في الصورة هي ست ” منيرة هانم ” في رواية” فاجعة فوق الهرم” تمسك بخنجر، و تحاول قتل ” سعيد بك “، بعد أن طلب منها ذلك، لأنها ترفض غرامه !..
في كل مصري- قال صاحبي- يكمن ” سعيد بك ” داخله، ولايطيق أن ترفض مصرحبه لها، فيمنحها سكينا ، ويقول لها اذبحيني ياحبيبتي، إذا لم أكن أستحق حبك، و يالله.. خلصيني من عذابي “!.
السينما المصرية من خلال الميلودراما، وقصص الفواجع والمآسي والمبالغات العاطفية ،علمت الناس الحب..
دخلت اليهم من باب الغرام والعشق الجامح، وملامسة الجسد..
وتكرس حبنا لها، من خلال تجربة الحب والعناق والجنس..
وكانت بمثابة المعمل التجريبي، لممارساتنا الغرامية الملتبسة في الخفاء، تحت السلالم ، وفوق العشش المهملة فوق أسطح الدوروالبنايات، في حينا العريق ” قلعة الكبش ” بجوار مسجد أحمد بن طولون في السيدة زينب، والغرف السرية المسكونة بالأشباح، والحدائق العامة. .
شجعتنا الأفلام المصرية الرائعة التي كانت تعرض في ” سينما الأهلي ” مثل ” شباب إمرأة “لصلاح أبو سيف..
شجعتنا على أن على أن نقتنص قبلات في الخفاء ،في تلك الحديقة المنعزلة بجوار ” مسرح الجيب ” على النيل. شجعتنا على المغامرة وقوت وعززت فينا حب الاقتحام، والدخول الى المياه، من دون تردد أو وجل..
في الوقت الذي دخلت فيه السينما الامريكية عند نشأتها الى الناس، بفيلم عن السطو على قطار، أي فيلم عن سرقة وضرب ناروقتل ،وعنف ورصاصات طائشة.. أعوذ بالله..ودخلت الى الناس بثقافة العنف، ثقافة الغزووالنهب والسطو في العالم الجديد.. أمريكا..
دخلت السينما المصرية الى الناس في مصر بفيلم ” زينب ” لمحمد كريم، فاقتبست رواية عن الحب ،عند الفلاحين الغلابة ، للكاتب محمد حسين هيكل ، وكانت الرواية الوحيدة في مصر، وقدمتها للسينما..وهكذا ارتبطت منذ نشأتها بالأدب، و قد كانت ” الدعوة ” في السينما المصرية ، وعلى طول تاريخها ، دعوة الى الحب.
.( يتبع )
صلاح هاشم
ناقد ومخرج مصري مقيم في باريس.فرنسا
مخرج فيلم ” وكأنهم كانوا سينمائيين .شهادات على سينما وعصر ” الجزء الأول من ” ثلاثية ” بعنوان ” سحر السينما المصرية الخفي “
admin اصدارات كتب, رئيسية, شخصيات ومذاهب, كل جديد, نزهة الناقد 0
admin Uncategorized, رئيسية, شخصيات ومذاهب, نزهة الناقد 0